عُين الشيخ زايد عام 1946 ممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبوظبي في المنطقة الشرقية، وامتدت فترة ولايته فيها عشرين عاماً. واشتهر بشخصيته القيادية بين سكان المنطقة، وحظي بسمعة طيبة، وكان نموذجاً يُحتذى به في إدارة الحكم. وتمثَّلت مبادئ القيادة لديه في بناء الروابط القوية بينه وبين أفراد شعبه، والمحافظة على تلك الروابط. وكان يحرص على الإشراف بنفسه على تنفيذ الإصلاحات، وكان مجلسه مفتوحاً للجميع.
كان الشيخ زايد يتخذ قراراته بموافقة القبائل المختلفة وإجماعها، ويسافر إلى جميع المناطق القريبة والنائية؛ للاطمئنان على الناس، وتفقد أحوالهم، والسؤال عن حاجاتهم، ومشاورتهم، والاستماع إليهم قبل اتخاذ أي قرار، حتى ذاع صيته، وحظي بحب الشعب واحترامه، وكأنه فرد منه.
سجّل ولفرد ثيسيجر الرحالة البريطاني الشهير الذي قطع صحراء الربع الخالي ووثّق رحلته الشهيرة تلك في كتابه "الرمال العربية" - بعض الانطباعات في كتابه عن لقائه الشيخ زايداً فقال: "إن زايداً رجل قوي البنية، لحيته بنية اللون، ووجهه ينمُّ عن ذكاء حادّ، وعيناه ثاقبتان قويتا الملاحظة، وهو يتميز بسلوك هادئ وشخصية قوية"، ويضيف: "لقد كنت متشوقاً للقاء زايد؛ فله شهرة واسعة في أوساط البدو الذين أحبوه لسلاسة أسلوبه غير الرسمي في معاملته لهم، ولعلاقاته الودية معهم، واحترموا فيه نفاذ شخصيته وذكاءه وقوته البدنية، وكانوا يعبرون عن إعجابهم به فيقولون: زايد بدوي مثلنا؛ فهو يعرف الكثير عن الهجن، ويركبها مثلنا، وهو ماهر في الرماية، ويجيد القتال".
وصف الرحالة أسلوب زايد في إدارة دقة الحكم فقال: "زايد رب أسرة كبيرة، يجلس دائماً للإنصات لمشاكل الناس ويحلها؛ فيخرج المتخاصمون من عنده بهدوء، وكلهم رضى عن أحكامه التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل".
أما النقيب البريطاني السابق في قوة ساحل عمان أنطوني شيبرد فقد نشر كتاباً أسماه "مغامرة في الجزيرة العربية" سجل فيه انطباعاته بعد لقاء الشيخ زايد، فقال: "كان زايد رجلاً يحظى بإعجاب وولاء البدو الذين يعيشون في الصحراء المحيطة بواحة البريمي، وكان بلا شك أقوى شخصية في الإمارات المتصالحة".
وكتب الممثل السياسي البريطاني في أبوظبي العقيد هيو بوستيد بعد زيارة له إلى العين: " تدهشني الجموع التي تحتشد دوماً حوله في البريمي، وتحيطه باحترام واهتمام"، كان لطيف الكلام دائماً مع الجميع، وكان سخيًّا جدًّا بماله، ودهشت على الفور من كل ما عمله في بلدته العين وفي المنطقة لمنفعة الشعب؛ فقد شق الترع لزيادة المياه لري البساتين، وحفر الآبار، وشيد الحمامات الحديثة في الأفلاج. إن من يزور العين يلاحظ سعادة أهل المنطقة".
زار الباحث البريطاني كلارنس مان المنطقة الشرقية، وحضر مجالس الشيخ زايد، وألفّ كتاباً عن إمارة أبوظبي بعنوان "أبوظبي: ولادة مشيخة نفطية"، تنبأ فيه عام ١٩٦٤ بأن يكون الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو الحاكم القادم للإمارة؛ إذ قال: "إن الشيخ زايد بن سلطان هو الرجل القوي في منطقة العين وضواحيها، ومن هنا امتد نفوذه إلى بقاع الظفرة، وهو يلقى احترام رجال البدو، وقد كرَّس المال القليل الذي توفّر لديه للقيام بإصلاحات في منطقة البريمي، ويرجع إليه فضل بسط نفوذ أبوظبي على البادية، فضلاً عن عدالته، وروحه الإصلاحية، وقدراته السياسية الفائقة، بأن يكون رجل البلاد المنتظر في إمارة أبوظبي